فى دراسة بحثية متميزة.. قطاع السياحة أحد أهم موارد النقد الأجنبى وزيادة معدلات النمو الاقتصادى لمصر
تقرير يكتبه صلاح السعدنى |
إذا أردت أن تنهض بأى قطاع أو أى عمل مؤسسى إستعن على ذلك بالعلم والدراسات المتخصصه القائمة على الرصد والتحليل وصياغة الحلول القابله للتطبيق .. هذا الفكر وهذه المنهجية هى ما أؤمن به للنهوض بأى عمل كبير على كافة المستويات بما فيها الإقتصاد.
فى دراسة بحثيه متميزه بعنوان ” إنعكاسات قطاع السياحه على الإقتصاد القومى من منظور إسلامي ” للباحث الشاب هانى نصر عبد المعبود سالم رصد فى ثلاث فصول واقع السياحه ودورها البارز فى النشاط الإقتصادى وزيادة معدلات النمو .
تناول الباحث فى الفصل الأول المفاهيم الأساسية المتعلقه بقطاع السياحه ، وخصائص القطاع وعوامل الجذب فيه على مستوى مصر ، وتناول فى الفصل الثانى من البحث أثر القطاع السياحي على الإقتصاد الوطنى ، والآثار الإقتصادية المباشرة وغير المباشرة ، وكذلك الآثار الإجتماعية للسياحه ودورها فى الإستدامه التنموية ومعالجة القضايا المجتمعية .
ورصد وحلل الباحث هانى نصر فى الفصل الثالث من بحثه القيم السياحه من منظور الإقتصاد الإسلامي، وتأثير الإستثمار فى القطاع السياحي على الإقتصاد الوطنى ، ودور المؤسسات والمجتمع المدنى فى تطوير القطاع السياحي بهدف تحقيق أكبر العوائد الإقتصادية منه ، وأستند الباحث فى رصد وتحليل كل ماسبق إلى أحدث التقارير الصادرة عن منظمة السياحه العالمية ، وكذلك تقارير البنك المركزى المصرى ، والعديد من المؤلفات والدوريات العلمية ذات الصله لكبار العلماء واساتذة الإقتصاد .
في الفصل الثاني من البحث تناول الباحث بشكل عام مساهمة القطاع السياحي في التنمية الاقتصادية وحجم الانعكاسات الاقتصادية الناتجة عن القطاع السياحي وكيف أصبحت اداه ضخمة ضمن الاقتصادات الوطنية في الدول بشكل عام وفي مصر بشكل خاص.
وأكد البحث أن قطاع السياحة يحتل مرتبةً متقدمةً بين القطاعات التي تؤثر بصورة مباشرة في الاقتصاد القومي والناتج المحلي، حيث بلغت نسبة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي العالمي حوالي 10.3 في المائة في عام 2019 تمثل نحو 8.9 تریلیون دولار أمریكي، مقارنة بنحو 8.8 تریلیون دولار أمریكي.
كما سجل قطاع السفر والسياحة نمواً بنسبة 3.5 في المائة في عام 2019م، متجاوزاً معدل نمو الاقتصاد العالمي للعام التاسع علي التوالي، ومن المتوقع ارتفاع مساھمة قطاع السیاحة لیصل إلى حوالي 11.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي ما یعادل حوالي 13.85 ملیار دولار أمریكي في عام 2029 عالمیا، یمثل نصیب كلا من الولایات المتــــحدة الأمـــــریكیــــــــة، والصـــــین، والیــــــابان، وألمــــانیا، والمملكة المتحدة حوالي 47 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي لقطاع السفر والسياحة، لذا بات التعرف على الجوانب الاقتصادية التي تتركها السياحة في اقتصادات الدول امراً هاماً.
كما أكد البحث أن القطاع الخاص هو المساهم بشكل رئيسي في تكوين الناتج المحلي وعلى هذا الأساس، وخلال العقود القليلة الماضية، صار التزايد القوي والمستدام للنشاط السياحي، يمثل أحد أهم الظواهر الاقتصادية، بل صار يحتل مكانًا بارزًا في العديد من استراتيجيات التنمية في الدول ذات المقدرات السياحية.
كما تناول البحث فى الفصل الثاني مدى مساهمة قطاع السياحة في توفير النقد الأجنبي والعملة الصعبة مؤكدا على ان قطاع السياحة كان له نصيب كبير في ارتفاع احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية في السنوات الأخيرة، فقطاع السياحة في مصر رغم تضرره كغيره من القطاعات الأخرى حول العالم بتداعيات “جائحة كورونا مثلا” وما خلفها من آثار، إلا أنه يعد من بين أهم مدخلات النقد الأجنبي للاقتصاد القومي، وبنسبة تصل لنحو 13%.
ووفقاً للبيانات الرسمية، يحتل قطاع السياحة في مصر ثالث أكبر مصدر للدخل الأجنبي للبلاد بعد الصادرات وتحويلات المصريين العاملين بالخارج، يليها إيرادات قناة السويس والاستثمار الأجنبي المباشر.
كما تناول الحث في الفصل الثانى أيضا مدى مساهمة السياحه فى النمو الإقتصادى مؤكدا أن هذا القطاع يحتل ترتيباً متقدماً بين الأنشطة الاقتصادية من حيث المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي للدولة، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لقطاع السياحة خلال عام 2021/2022 إلى نحو 91.4 مليار جنيه، بنسبة نمو 31.5%، عن العام السابق والذي كانت قيمته 69.5 مليار جنيه، وفقاً لتقرير وزاره التخطيط والتنمية الاقتصادية الصادر منتصف عام 2022.
وأستند الباحث فى أسانيده فى هذا الصدد إلى ما ورد بالكتاب الاحصائي السنوي الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء لإيضاح مدي تأثير النشاط السياحي في الناتج المحلي وتوفر فرص العمل وتعزز الثقافة والمنتجات المحلية
ونوه البحث إلى أن تقرير البنك المركزي المصري كشف عن ارتفاع فائض الميزان الخدمي والمتحصلات الخدمية، خلال النصف الأول من العام المالي 2021- 2022، بنحو 4.8 مليار دولار، ليسجل نحو 7.9 مليار دولار، مدفوعاً بزيادة الإيرادات السياحية والتي تمكنت من تحقيق زيادة قدرها 5.1 مليار دولار، بالرغم من تأثرها سلبياً بغياب السائحين من روسيا وأوكرانيات منذ اندلاع الأزمة بينهما، لتسجل نحو 8.2 مليار دولار.
ولاسيما دور القطاع السياحي في حجم التدفقات الاستثمارية حيث بلغ صافي تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى قطاع السياحة (خلال الربع الثاني من 2023/2022 نحو 98 مليون دولار، مقارنة بـ60.1 مليون دولار فى الربع الأول من 2023/2022) و( 29.8 مليون دولار فى الربع الرابع من 2022/2021).
وشهدت أعداد المستثمرين في قطاع السياحة خاصة من دول الخليج والصين نموا كبيرا، وذلك من خلال إقامة شراكات مع مستثمرين مصريين أو الاستثمار في إنشاء الفنادق والمراكب والمطاعم السياحية.
كما تتضمن السياحة مجالات مختلفة للاستثمارات مثل بناء الفنادق، المطاعم، الملاهي، مراكز الرياضة، القري السياحية، شركات السياحة ووكالات السفر ووسائل النقل، وبالتالي ترتفع الاستثمارات في هذا المجال، كما تؤدي السياحة إلي دعم الأنشطة الاقتصادية الأخرى في قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات وذلك من خلال زيادة الطلب علي المنتجات الزراعية والصناعية والاستثمارات فيها.
وعن أثر السياحة علي ميزان المدفوعات ،فقد أكد البحث أن حركة السياحة تؤثر بشكل كبير على ميزان المدفوعات من خلال الإيرادات السياحية التي تحصل عليها الدولة المضيفة، كما تؤثر الحركة السياحية على جانب المدفوعات عن طريق تحويلات المواطنين إلى الخارج بغرض السياحة وذلك فضلًا عما يستورده قطاع السياحة من الخارج من سلع في شكل صناعات غذائية وأثاث ومفروشات، وتسمى عملية نقل الأموال بواسطة السائحين من بلد لأخر بالصادرات غير المنظورة.
كما يتم تحسين ميزان المدفوعات من خلال تدفق رؤوس الأموال الأجنبية للاستثمار في المشاريع السياحية وكذلك من خلال الاستخدامات الجيدة للموارد الطبيعية وما ستحققه السياحة من موارد نتيجة إيجاد علاقات اقتصادية بينها وبين القطاعات الأخرى في الدولة.
وذلك كله بالتزامن مع ما تَحصُل عليه الدولة من منافع اقتصادية من الإيرادات المتحققة من العملات الأجنبية المتدفقة والناتجة عن الطلب السياحي للسياحة الوافدة وكذلك السياحة الداخلية، مما يسهم في زيادة الناتج القومي للدولة بشكل مباشر بالإضافة الي المساهمات الأخرى الذي ينتج عنه زيادة الناتج القومي بشكل غير مباشر ناتجة عن النشاط السياحي وبالتالي المساهمة في عملية البناء الاقتصادي فضلا عما تحققه هذه الصناعة من انتعاش شرائح واسعه من المجتمع.
وأضاف البحث ، ان نشاط القطاع السياحي يؤثر بصورة مباشرة في ميزان المدفوعات كما جاء في تقرير أداء ميزان المدفوعات خلال النصف الأول من السنة المالية 2023/2024 والصادر عن البنك المركزي ، وقد تضمن ان الفترة (يوليو/ديسمبر 2023) شهد عجز كلي في ميزان المدفوعات قدرة 409.6 مليون دولار (مقابل فائض كلي قدرة 599.1 مليون دولار خلال نفس الفترة من السنة المالية السابقة)، وبلغ العجز في حساب المعاملات الجارية نحو 9.6 مليار دولار (مقابل نحو 1.8 مليار دولار)، لارتفاع عجز الميزان التجاري بمعدل 20% ليسجل نحو 18.7 مليار دولار…. الخ، الا ان ارتفاع الإيرادات السياحية حد من ارتفاع عجز حساب المعاملات الجارية ، حيث ارتفعت بمعدل 6.1 لتسجل نحو 7.8 مليار دولار (مقابل نحو 7.3 مليار دولار)، لارتفاع عدد الليالي السياحية بمعدل 6.1% لتسجيل نحو 83.2 مليون ليلة، وعدد السائحين الوافدين الي مصر بمعدل 14.7% ليسجل نحو 7.8 مليون سائح.
وهذا اعتبره من الدلائل التي تشير إلى انعكاسات قطاع السياحة علي الاقتصادي القومي ، أما بشأن دور السياحة في التنمية الاجتماعية فقد أوضح البحث ان قطاع السياحة يلعب دورا كبيرا في عدة جوانب خاصة بالتنمية الاجتماعية منها تعزيز التراث الثقافي وتعزيز المشاركة المجتمعية و التواصل الثقافي ، وتوفير فرص العمل وحل مشكلة البطالة، و تحفيز الاقتصاد المحلي ، وتحسين البنية التحتية ،وتعزيز الصادرات من المنتجات المحلية ، وتطوير البنية التحتية لتحفيز الاستثمارات في قطاع السياحية مما يعود بالنفع العام علي المجتمع .
كان البحث قد نافشه الأستاذ الدكتور سامى فتحى رئيس قسم الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهره ، والأستاذ الدكتور عبد الهادى مقبل أستاذ الإقتصاد والمالية العامه بكلية الحقوق جامعة طنطا ، والأستاذ الدكتور عثمان احمد عثمان رئيس قسم الإقتصاد بالمعهد العالى للدراسات الإسلامية ، ونال البحث إستحسان فريق المناقشه ومنحوا الباحث الكفء عليه درجة الماجستير بتقدير إمتياز .