موجة غضب عارمة ضد وزير الاستثمار والتجارة بسبب خفض نسب الدعم المخصصة للمصدرين
تقرير يكتبه: صلاح السعدنى |
فى التاسع من سبتمبر الماضى كانت الإطلالة الأولى لوزير الإستثمار والتجارة الخارجية الجديد المهندس حسن الخطيب على مجتمع المال والأعمال بعد أن تم تنصيبه وزيرا للإستثمار والتجاره الخارجية ، وكانت الإطلاله بمناسبة حضوره المؤتمر الأول للصناعات الغذائية والذى نظمه المجلس التصديرى للصناعات الغذائية .
تحدث الوزير خلال اللقاء بجرأه متناهية لم يعتاد سماعها الحضور من سنوات طوال ، وكشف بعض المستور من المشاكل التى يعانى منها الإقتصاد الوطنى خاصة فيما يتعلق بالتجارة والإستثمار .
قال الوزير نصاً و بكل صراحه أن صادرات مصر لا تتعدى 36 مليار دولار وهو رقم متدنى جدا لا يتناسب مع حجم الإقتصاد المصرى .
كما قال ، أن هناك مشاكل كثيره فى دخول شحنات البضائع وخروجها إلى مصر من حيث طول الوقت والتكلفه والتخزين، مشيرا إلى أن تكلفة الإفراج عن الشحنه الواحده فى مصر يصل إلى 272 دولار ، وتكلفة الدخول والخروج للشحنة يصل إلى 400 دولار وهى أرقام كبيره عكس دول أخرى كثيره .
كما أكد وزير الإستثمار والتجاره بكل صراحة أن مصر – للأسف – تحتل المرتبة رقم 171 من بين 189 دوله فى مؤشر التجاره الدولية ووصف الوزير هذا الرقم بأنه رقم محبط للغاية !، مشيرا إلى أنه التقي الرئيس السيسى وعرض عليه كافة المشاكل المتعلقه بالتصدير ، وكلفه الرئيس السيسى باتخاذ كافة الإجراءات التى من شأنها زيادة الصادرات ، ووعد الرئيس بتقديم كل دعم من شأنه زيادة الصادرات للأسواق الخارجية وتحقيق المستهدفات التصديرية .
ونوه الوزير إلى المشاكل التى توجد فى صندوق دعم التصدير من حيث عدم صرف مستحقات الشركات ، والتأخير فى عمليات الصرف لمدة تزيد على العام ، أو حجم المبالغ التى يتم صرفها للشركات مؤكدا أن هذا لن يحدث مرة أخرى ، وأننا إذا كنا كدولة نستهدف التصدير فلابد من إزالة كل العقبات التى تواجه التجارة.
وقال الوزير إنه يستهدف إزالة هذة العقبات خلال عامين موضحا أنه يجرى حاليا تحديد العقبات التي تواجه كل قطاع من القطاعات الإنتاجية في التصدير وأنه بالتعاون ما بين الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والواردات والمركز المصري للدراسات الاقتصادية يجرى حاليا دراسة إمكانية خفض وقت وتكلفة الإفراج بنسبة تصل إلى 70%.
وأشار الخطيب إلى أن تحقيق طفرة في الصادرات المصرية وصولا إلى 140 مليار دولار يرتبط ارتباطا وثيقا بحدوث طفرة مماثلة واستباقية وسريعة في الاستثمارات الإنتاجية وبخاصة في مجال الصناعة التحويلية، حيث إن الطاقات الإنتاجية الموجودة حاليا لا تسمح سوى بتحقيق صادرات تتراوح بين 40 إلى 50 مليار دولار ، وبالتالي فإن تحقيق 140 مليار دولار صادرات يستلزم زيادة الاستثمارات الإنتاجية بحوالي 40 إلى 50 مليار دولار، بما يحقق توطين قطاعات صناعية تستهدفها الحكومة وبخاصة الصناعات المغذية والوسيطة.
**
تصريحات الوزير لا تعكس حقيقة الواقع
ذكرت فى السطور السابقة أكبر قدر ممكن من التصريحات الساخنة التى أطلقها الوزير فى اول ظهور له أمام المصدرين من رجال الصناعه والمال والأعمال ، واستبشر الجميع خيرا واعتقدوا أن كل مشاكلهم سيتم حلها لأن الوزير واضح أنه متحمس جدا ومدرك جيدا لحقيقة الأزمات التى يعانى منها الإقتصاد وكذلك الأوضاع التى يعانى منها المنتجون والمصدرون، ومرت الأيام ولا يتحقق شيئاً مما قاله الوزير خاصة فيما يتعلق بالتصدير ، بل يتحقق عكس ما كان يقوله الوزير تماما ، فوزير الاستثمار والتجاره الخارجية الذى كان يخطب بالأمس القريب فى المصدرين خطبه حماسيه ويقدم لهم الوعود البراقه بزيادة حوافز دعم الصادرات هو نفسه الوزير الذى قام بالتوقيع وبارك تخفيض الدعم الموجه للصادرات ، وإن كنت التمس له بعض العذر لأننى أعلم علم اليقين أن الوزير ليس هو الذى قام بصياغة برنامج دعم الصادرات الجديد ، ولا هو الذى قام بتخفيض نسب الدعم ، وعلم بها كما علم بها المصدرون ، واسألوا أحمد كجوك وزير المالية عمن فعل هذا وذاك فى برنامج دعم الصادرات وادخل الإحباط واليأس فى قلوب المصدرين بفرض سياسة الأمر الواقع ولا شىء غيره !
**
تخفيض نسب الدعم ضربة قاسمة للصادرات
إن تخفيض نسب الدعم تعد ضربه قاسمه للصادرات المصرية ، وأبدى المصدرون غضبهم الشديد وإستيائهم من هذا التخفيض مؤكدين أن نسب التخفيض والتى تصل إلى 75 % من نسب البرنامج السابق غير مسبوقه .
أكد المصدرون أن البرنامج الجديد لمساندة الصادرات يتعارض تماما مع اتجاه الدوله للقفز بأرقام الصادرات المصريه وتحقيق معدلات نمو بها ، وأن تخفيض نسب الدعم سيؤثر سلبا على الإقتصاد المصرى بشكل عام .
كما أكدوا أن هذا البرنامج يتعارض تماماً مع فكرة المحافظة علي استمرارية نمو الصادرات المصرية ، وتنذر بعواقب وخيمة ستؤثر سلباً علي الاقتصاد المصري بشكل عام ، وعلى الصناعة والصادرات بشكل خاص، و صغار المصدرين .
وكشف عدد من المصدرين أنهم قاموا بإبرام عقود للتصدير بناءً على التكاليف ونسب المسانده القديمه وتخفيض النسب بهذا الشكل الكبير ستعرض الشركات المصدره لخسائر فادحه وتكاليف مضاعفه مما يؤثر يالسلب على تحقيق أرقام الصادرات التى تنادى بها الدوله .
وأكد المصدرون أنه قد جري العرف أنه حال تأخر صدور أي برنامج جديد ، يتم اتباع نفس النسب السابقة ، وعليه فإن تطبيق النسب المخفضة بأثر رجعي ، حتما تؤدي إلي خسائر فادحة لجموع المصدرين، قد يصعب معها استمرار العمليات التشغيلية مستقبلًا ، فضلا عن الارتباك في الموقف المالي للشركات ، وكذا التأثير السلبي على أي خطط توسعية أو استثمارية في الصناعة والتصدير.
كما أن انخفاض النسب لتصبح 25% فقط من النسب السابقة ، دفعة واحده ، حتماً ستحد من القدرة التنافسية للمنتجات المصرية ، وتنذر بتراجع مؤشر الصادرات المصرية امام نظيراتها من الدول المنافسة ، والمستمرة في منح مصدريها نسب مساندة متزايدة سنوياً ، وهو ما يتعارض مع توجه الدولة لزيادة الصادرات المصرية والوصول بها اإلى مستهدفات تصل إلى 140 مليار دولار سنوياً.
كذلك فإن تنفيذ هذا البرنامج ، بهذه النسب ، سيزيد من هذه التحديات ، ويحد من جلب العملة الصعبة ، وقدرة المصدرين علي الوفاء بالتزاماتهم ، خاصةً مع ما تشهده البلاد من بيئة تضخمية علي جميع المستويات ، وتكلفة تمويل مرتفعة خاصة أن هناك منافسة رهيبة فى الحصول على حصص تصديرية فى العديد والعديد من الأسواق العالميه بما فيها دول مثل تركيا والمغرب وغيرها .
والأعجب أن قرار تخفيض المساندة التصديرية سيكون بأثرٍ رجعي (من مارس الماضي) وهو ما سيحدث حالة ارتباك شديده في الشركات، التي أبرمت عقود للتصدير، ورتبت حساباتها ، وأقرت ميزانيتها وتكاليفها ، علي أساس المساندة القديمة.
كما أكد أحد المصدرين أن التنافسية الدولية ، فضلاً عن اهميتها الاقتصادية ، هي واحدة من أدوات القوة الناعمة لمصر ، ولو تأثرت التنافسية سلباً ، سيؤدي ذلك الي انخفاض المبيعات ، ورفع سعر المنتج المحلي ، ونقص حصيلة الضرائب ، وضعف قدرة الشركات علي رفع المرتبات والأجور.
وأضاف أن هناك أمرين مهمين أولهما أن الصناعة هى القاطرة الحقيقية للتنمية ، عصب الاقتصاد ، وأن التصدير هو الأمل لهذه القاطرة.
وثانيهما: حتمية زيادة الصادرات ، بتمكين الصناعة المصرية من النجاح ، وأداء دورها في تلبية احتياجات السوق المحلية والتصدير ، وخلق فرص عمل جديدة .
وحذر المصدرون من التداعيات السلبية ، لهذه القرارات ، والتي تتمثل في إغلاق الشركات الصغيرة والمتوسطة ، وزيادة معدلات البطالة والأعباء الاجتماعية ، وتراجع الصادرات ، وتقليص الإنفاق على البحث العلمي والتطوير ، وتراجع الابتكار ، وتباطؤ الإنتاج ، وارتفاع تكلفة التشغيل ، وزيادة أسعار المنتجات ، وضعف القوة الشرائية ، وفقدان الثقة في السياسات الاقتصادية ، وربما تفضيل تحويل الاستثمارات لبلاد أُخري ، وزيادة التهريب والمنافسة غير المشروعة ، وتراجع جهود الدولة في التنمية المستدامة .