خسائر باهظة على صناعة الصلب المحلية بسبب أحداث روسيا وأوكرانيا

تقرير يكتبه – صلاح السعدنى

توقف إستيراد البليت والصاج ..ومصانع الدرفلة أكبر المتضررين

 

تترقب مصانع الصلب المحلية وعددها أكثر من عشرين مصنعاً الأوضاع غير المسبوقة والطاحنة بين روسيا وأوكرانيا والتى جعلت أوروبا كلها تقريباً ومن قبلها الولايات المتحده الأمريكيه تحبس أنفاسها فى ظل التهديدات المتصاعدة من جانب روسيا بشن حرب على أوكرانيا وهو ما سينذر بعواقب وخيمة وخسائر ستطول العديد من البلدان وبالطبع ستسدد الشعوب فاتورة هذه الحرب فى حالة اندلاعها.

 

**مصر والعلاقة مع روسيا وأوكرانيا

هناك علاقات تجارية كبيرة بين مصر وروسيا وأوكرانيا، فمصر من أكبر مصدرى البطاطس وبعض الحاصلات الزراعية الأخرى إلى روسيا على وجه التحديد، أما أوكرانيا فمصر من أكبر مستوردى القمح ومنتجات الصلب، خاصة البليت والصاج «المسطحات»، وتعتمد مصانع الدرفلة فى مصر على استيراد البليت والصاج بشكل أساسى على السوق الأوكرانى نظراً لرخص أسعاره وقربه من مصر مقارنة بالصين التى تعد أكبر مصدر على مستوى العالم لكل منتجات الصلب.

 

ولكن السؤال هنا: ما الخسائر التجارية الأكبر على مصر فى حالة اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا؟ والإجابة الخسائر الأكبر ستقع على مصانع إنتاج الحديد فى مصر عكس المنتجات الزراعية لأن الصادرات الزراعية ممكن تعويضها بالتصدير إلى مناشئ ودول أخرى، كما أن عملية استيراد القمح من أوكرانيا ممكن أن يتم تعويضها من مناشئ أخرى مصدره مثل أمريكا وكندا وفرنسا وكلها دول تصدر بكميات كبيرة لكل دول العالم، وجميعها تحسب حسابات كبيرة لمصر عندما تدخل كمشترٍ ومستورد للقمح لأن مصر باختصار أكبر مستورد للقمح فى العالم.

 

أما صناعة الصلب فى مصر فتعد أوكرانيا من أهم الدول التى تعتمد عليها بشكل أساسى المصانع المحلية خاصة مصانع الدرفلة التى تفتقد وتفتقر إلى صناعة البليت مع الإشارة إلى أن هناك عدداً قليل جداً من المصانع المتكاملة العملاقة فى مصر وهى التى لن تتأثر كثيراً بهذا الوضع لأنها تنتج البليت وهو من الخامات الرئيسية ومعه خام الحديد فى إنتاج حديد التسليح وهذه المصانع هى: مجموعة عز وهى تنتج البليت والمسطحات، مجموعة بشاى، مجموعة السويس، المراكبى، أما بقية المصانع فتعتمد فى عملية تصنيع إنتاج حديد التسليح على استيراد البليت وتعد أوكرانيا من أهم الأسواق التى تتعمد عليها المصانع المصرية، ولذا فالخسائر فى هذه المصانع المحلية ستكون كبيرة لأنها ستضطر إلى استيراد البليت من أسواق وبلدان بعيدة مثل الصين وستكون تكلفة الاستيراد فى هذه الحاله باهظة جداً نظراً لبعد هذه الأسواق المصدرة، بالإضافة إلى أن عملية الاستيراد ستأخذ فترات طويلة للغاية مع ارتفاع أسعار الشحن والتى ارتفعت أصلاً بنسب فلكية عقب اندلاع فيروس كورونا من أكثر من عامين.

 

** خريطة الإنتاج العالمى سيتغير

بالنظر إلى خريطة إنتاج العالم من الصلب ستجد أن الصين تحتل المركز الأول عالمياً بحجم إنتاج رهيب يصل إلى أكثر من مليار طن من منتجات الصلب المختلفة سواء بليت أو مسطحات أو حديد تسليح، وتأتى الهند فى المركز الثانى برصيد إنتاج يصل إلى 100 مليون طن، ثم اليابان فى المركز الثالث برصيد إنتاج يصل إلى 83.8 مليون طن، ثم أمريكا فى المركز الرابع برصيد إنتاج يصل إلى 72.7 مليون طن، وتحل روسيا فى المركز الخامس بإنتاج يصل إلى 71.6 مليون طن، ثم كوريا الجنوبية بإنتاج 67.6 مليون، ثم تركيا 35.8 مليون طن، ثم ألمانيا برصيد 35.8 مليون طن وهو نفس إنتاج البرازيل تقريباً، وتحل بعدها إيران بإنتاج يصل إلى 29 الف طن ثم تايوان بإنتاج 21 مليون طن وهو نفس إنتاج أوكرانيا تقريباً. تأتى إيطاليا بعد اوكرانيا بالتاجر 20.4 مليون طن، ثم فيتنام بإنتاج 19.5 مليون طن، وتحل المكسيك بعدها بإنتاج 16.8 مليون طن، ثم فرنسا 11.6 مليون طن، ثم إسبانيا بإنتاج يبلغ 11 مليون طن وهو نفس إنتاج دولة كندا، ثم إندونيسيا بحجم إنتاج يبلغ 9.3 مليون طن وتحل مصر فى المركز العشرين فى قائمة أكبر منتجى الصلب فى العالم.

 

وبنظرة بسيطة إلى خريطة إنتاج الصلب العالمى ستجد أن روسيا وأوكرانيا من أكبر الموردين خاصة للصاج والبليت ويلجأ الصناع فى مصر إلى السوق الأوكرانى كما سبق الإشارة إلى الاستيراد من السوق الأوكرانى بشكل أكبر لأن البقية إما أسواقاً بعيدة جداً، أو ليس لديها فائض إنتاج للتصدير أو دول ليس بينها وبين مصر علاقات تجارية بالشكل المطلوب تسمح بالاستيراد منها كما هى الحالة فى إيران.. ملخص الأحداث أنه فى حالة اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا ستعانى العديد من دول العالم اقتصادياً وفى مقدمتهم دول الاتحاد الأوروبى ودول البرلمان وبالطبع سيكون لمصر نصيب من هذه الخسائر مع التأكيد أن كل الدول لا تتحمل خسائر جديدة ويكفى أن العالم كله لا يزال يعانى الخسائر الرهيبة التى سبّبها فيروس كورونا.