الدول الصناعية تلجأ لاحتكار خامات المناجم .. ومصانع الهند تطالب الحكومة بإيقاف التصدير
تحليل– صلاح السعدنى |
تنبؤات بازدياد حجم معاناة المصانع المصرية مع نقص الخامات خلال النصف الأول من 2021
يعد عام 2020 هو الأسوأ لصناعة الصلب المحلية فى مصر منذ عامي 2006 و2007 وهى الفترة التى شهدت أكبر انتعاشة فى تاريح هذه الصناعة التى تمتد إلى بدايات الخمسينات مع إنشاء شركة الحديد والصلب المصرية، وكانت أول شركة فى منطقة الشرق الأوسط والشمال الأفريقى، حيث لم تكن كل هذه البلدان تقريبًا تعرف شيئاً عن هذه الصناعة الثقيلة العتيقة الضاربة فى قدم التاريخ.
بالتأكيد يأتى على رأس أهم العوامل التى أدت الى سوء أوضاع الصناعة وتراجع معدلات نموها هو فيروس كورونا وتوابعه وكان بمثابة الزلزال الذى هز العالم وأثر سلباً على الاقتصاديات العالمية كافة بما فيها اقتصاديات الدول الصناعية الكبرى، يضاف إلى كورونا الاضطربات والتغيرات الجيوسياسية فى العديد من البلدان المنتجة للصلب والمواد الخام.
وقبل أن يلفظ عام 2020 أنفاسه الأخيرة وجدنا أسعار خامات إنتاج الصلب وقد صعدت بشكل هستيرى لم يحدث من عام 2013، الأمر الذى دفع الكثير من الدول الصناعية الكبرى إلى احتكار شراء الخامات، وذلك عن طريق شراء كميات ضخمة بعقود طويلة الأجل من الدول المنتجه للخامات مثل موريتانيا وأستراليا والبرازيل وهو ما يشير إلى أن النصف الأول من عام 2021 ستعانى فيه الصناعة المحلية من الإرتفاع الحاد فى أسعار الخامات المستوردة، وهو ما يعنى بشكل أتوماتيكى زيادات حادة فى أسعار المنتجات النهائية سواء حديد التسليح والمسطحات أو الصاج أواللفائف من الأسلاك أو حتى المنتجات النهائية من المسامير والدبابيس والصواميل وغيرها.
الوضع العالمى لخام الحديد
تعد الصين هى المتحكم الأول والرئيسى فى تسعير الخامات والمنتجات النهائية بصفتها أكبر منتج للصلب الخام فى العالم بكميات تتعدى الـ 93 مليون طن سنويا فى الوقت الحالى وتستورد فى نفس الوقت كميات ضخمة من خامات الصلب من أهم شريك تجارى لها فى هذا المجال وهو موريتانيا التى تعد من أكبر الدول التى تمتلك مناجم للخام فى العالم ومعها أستراليا التى يبلغ حجم صادراتها من خام الحديد نحو 880 مليون طن سنويا وهناك توتر بين بكين واستراليا جعل كل دولة تعمل على إضعاف الأخرى من خلال السياسات السعرية للخامات.
دفع التوتر بين بكين وسيدنى إلى قيام مصانع من جنسيات متعددة إلى المضاربات على شراء العقود الآجلة لخامات الحديد فى عدد كبير من البورصات العالمية مثل داليان وسنغافوره وطوكيو، وساعد على ذلك أيضا بعض المشاكل التى تواجهها شركة فالى البرازيلية ليكسر سعر خام الحديد الـ 150 دولارا وهو أعلى سعر له من عام 2013، وكان من المظاهر السلبية لإرتفاع سعر الخام هو تناقص حجم الشحنات المستخرجة من البرازيل واستراليا بنحو 7.98% أسبوعيا مع إرتفاع حجم الطلب فى دول الصين واليابان وكوريا .. كل هذه العوامل دفعت العديد من المصانع فى دولة الهند وبها أكبر منتج لحديد التسليح فى العالم وهو أرسيلور ميتال إلى مناشدة الحكومة الهنديه بإيقاف تصدير خامات الحديد بعد الحالة الجنونية فى الأسعار بالبورصات العالمية وإزدياد حجم الطلب على الخام.
توتر فى السوق المحلى
تؤكد كل المؤشرات أن النصف الأول من 2021 ستشهد الصناعة المحلية معاناة كبيرة نتيجة المساعى التى ستبذلها الدول الصناعية الكبرى لإحتكار أكبر كميات ممكنة من المواد الخام خاصة خام الحديد مع الأخذ فى الإعتبار أن غالبية هذه الدول ستضخ استثمارات كبيرة للغاية فى تنفيذ مشروعات صناعية وبنية تحتية بعد توقف دام لأكثر من عام نتيجة كورونا، وهو ما يؤكده تنامى حجم الطلب على الخام فى الوقت الراهن.
ولذا أصبح لزاماً على الصناعه المحلية أن تواجه هذه المتغيرات العالمية الكبيرة بخطتين وهما “plan”A و “plan “B يتم تنفذها على مدار العام وفقاً لإمكانيات كل شركة من الشركات.
فى الخطه الأولى تقوم المصانع بتأمين إحتياجاتها الحالية والمستقبلية من الخامات، ومن الممكن أن تدخل مجموعة من الشركات فى شراكات لتمويل عمليات إستيراد الخام فى حال عدم توافر السيولة المالية اللازمة لدي بعض منهم، أو تستورد المصانع المتكاملة الكبيرة الخامات بإعتبارها لديها رؤوس أموال كبيرة تستطيع بها تمويل عمليات الاستيراد ثم تشترى منها الشركات الصغيرة بمكاسب معقولة للشركات الكبيرة.
وفى الخطة رقم 2 يتطلب من الشركات الدخول فى مفاوضات مباشرة مع الحكومة لعمل مبادرات لصالح الصناعة بوجه عام حتى تستطيع مواجهة الأعباء المستقبلية الكبيرة المتوقعة نتيجة الممارسات التجارية الضارة بالمنافسة من جانب الدول والشركات العملاقة المنتجة للخامات، وعلى المصانع المحلية أن تركز طلباتها فى عدة مطالب منها، تعديل أسعار الغاز عن المعمول بها فى الوقت الحالى وهو 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية بريطانية، والمطلب الثانى هو تعديل فترات السماح المتعلقة بسداد مستحقات البنوك لدى الشركات لأن خدمة الدين على تكاليف التشغيل تمثل نسبة لا يستهان بها من إنتاج كل طن والمطلب الثالث هو السماح للمصانع بإعادة تشكيلات الإنتاج إن أرادات مع مساعدة بعض المصانع على إعادة تشغيل خطوطها المتوقفه بسبب التعثر أو إرتفاع تكاليف الإنتاج .